تخيّل أن تتمكّن من تخفيف آلام ركبتك المزمنة واستعادة حركتك بسلاسة، دون اللجوء لجراحة استبدال المفصل الكبرى. هذا بالضبط ما تقدّمه لك “قسطرة الشريان الركبي” كحل طفيف التوغل وفعّال، قد يُحدث نقلة نوعية في حياتك.
ما هي قسطرة الشريان الركبي؟
قسطرة شريان الركبة أو ما يعرف بانصمام الشريان الجيني ليس مجرد إجراء طبي تقليدي، بل تقنية تداخلية حديثة تُستخدم لعلاج آلام الركبة المزمنة الناتجة عن مشاكل تنكسيّة في المفصل أو التهاب المفاصل العظمي.
تعتمد قسطرة الشريان الركبي على مفهوم الانصمام الجيني (Genicular Artery Embolization)؛ حيث يقوم الطبيب بإدخال قسطرة (القسطار) دقيقة جداً من خلال شق صغير في منطقة الفخذ أو أحياناً عبر شريان في الساق، ثم توجيهها إلى الشرايين الجنيكولية (المرتبطة بالركبة) باستخدام تصوير بالموجات الصوتية أو الأشعة السينية في الزمن الفعلي.
الفكرة الأساسية هي تقليل تدفّق الدم (الدم هو حياة الأنسجة، ولكن زيادة تدفّقه نحو المناطق الملتهبة قد يؤدي إلى استمرار الألم) إلى المناطق الملتهبة في الغضروف المفصلي.
عندها يُحقن الطبيب جزيئات صغيرة داخل هذه الشرايين الدموية الطرفية المتضررة في الركبة لقطع الإمداد الدموي بشكلٍ جزئي، مما يُخفف الالتهاب ويُقلل الألم دون الحاجة لجراحة كبرى أو استبدال مفصل الركبة. بهذا الأسلوب، تُعدّ قسطرة الشريان الركبي إجراءً طفيف التوغل، أي أنه أقل بكثير من حيث المخاطر والآلام مقارنةً بالجراحة التقليدية أو استبدال الركبة الكامل.
قسطرة الشريان الركبي: التقنية، الخطوات، والنتائج
في البداية، يُجرى تخدير موضعي تحت الجلد (تحت تأثير تخدير طفيف) في منطقة إدخال القسطار. غالباً ما يستخدم الطبيب الشريان الفخذي (وهو شريان رئيسي في الفخذ) كمدخل، لكنه قد يختار أحياناً شرياناً آخر مثل الشريان السباتي أو الحرقفي أو حتى شريان في الرسغ إذا كان الإجراء يتطلب ذلك، وذلك اعتماداً على الحالة التشخيصية للمريض. يقوم الطبيب بإدخال أنبوب قسطرة صغير جداً (قد يُسمى أحياناً قسطره) داخل الوعاء الدموي، ثم توجيه هذه القسطرة عبر الشرايين الطرفية وصولاً إلى الشرايين الجنيكولية في الركبة.
كيفية تتم قسطرة الشريان الركبي؟
- فحص وتمييز الشرايين: قبل الإجراء، يتم إجراء تصوير للأوعية الدموية باستخدام الأشعة السينية أو MRI أو CT Angiography، وربما بالموجات الصوتية، لتحقق وجود انسداد أو تضيق في شرايين. قد يكون الأمر مشابهاً لفحص الشرايين التاجية (التاجي) في القلب، أو الشرايين الطرفية (المحيطي) في الساق الركبة. يتم التأكد من عدم وجود جلطة أو انسداد كبير يتطلب إجراءات مختلفة مثل رأب الوعاء بالبالون أو تركيب دعامة (دعامتين أو أكثر في حال الشرايين التاجية)، أو إصلاح جراحي.
- إدخال القسطار: يتم إدخال القسطرة بعناية عبر شق صغير في الجلد (يُجرى عادةً في الفخذ)، ويمكن استخدام تقنية PTA (Percutaneous Transluminal Angioplasty) في حال الحاجة إلى توسيع جزئي لشريان صغير.
- انصمام الشرايين الجنيكولية: بعد وصول القسطار إلى الشريان الركبي المستهدف، يُحقن الطبيب جزيئات صغيرة لسد الشرايين الجنيكولية الملتهبة، مما يقلل تدفق الدم. هذه الخطوة تساعد على تخفيف الالتهاب وآلام الركبة، تماماً كما يمكن أن تُستخدم تقنيات الانصمام في علاج أمراض أخرى، مثل انصمام شريان الأورطي النازل أو السباتي، ولكن هنا الهدف هو مفصل الركبة.
- مراقبة الزمن الفعلي: الإجراء يتم تحت مراقبة مستمرة باستخدام تصوير حي بالأشعة السينية (Fluoroscopy) والاختبارات اللازمة للتأكد من وضع الجزيئات بشكل دقيق، ولضمان بقاء التدفق الدموي الطبيعي في باقي الأوعية المجاورة.
- إنهاء الإجراء: بعد التأكد من نجاح عملية الانصمام، يُزال القسطار ويُوضع ضغط خفيف على موقع الإدخال. عادةً ما لا يحتاج المريض إلى خياطة جراحية كبيرة، ويكون النزف طفيفاً جداً.
نتائج انصمام الشريان الجيني
أظهرت دراسات عديدة أنّ معظم المرضى يشعرون بتحسن ملحوظ في غضون أسابيع قليلة بعد إجراء قسطرة الشريان الركبي. يقل الألم تدريجياً، وتتحسن حركة الركبة، ويستعيد المريض جزءاً كبيراً من حريته. هذه التقنية حاليًا تُعدّ بديلًا آمنًا وفعالاً لجراحة استبدال الركبة، ولا تستبعد اللجوء للجراحة في المستقبل حال احتاج الأمر. كما أنها أقل تكلفة وأكثر بساطة مقارنةً بعمليات جراحية معقدة.
في دراسة شملت 403 مريض (تتراوح أعمارهم بين 40 و90 عاماً) يعانون من آلام الركبة المتوسطة إلى الشديدة غير المستجيبة للعلاجات التقليدية، تم تحقيق تحسن بنسبة 87% في مؤشر جودة الحياة، و71% في مقياس الألم بعد عام واحد من الانصمام، دون حدوث مضاعفات خطيرة.
المرشحون لقسطرة الشريان الركبي
ليس كل من يعاني من آلام الركبة مرشح مثالي لهذا الإجراء، فهناك معايير:
- المرضى الذين يعانون من التهاب المفاصل العظمي أو أمراض تنكسية أخرى في الغضروف المفصلي.
- من تجاوزوا الأربعين من العمر ويعانون من ألم مستمر ولم يتحسنوا مع العلاجات التقليدية مثل العلاج الطبيعي، حقن الستيرويد، أو الأدوية المضادة للالتهاب.
- المرضى غير الراغبين في الخضوع لجراحة استبدال المفصل كاملة أو ممن لديهم أسباب تمنعهم من الجراحة (مثل أمراض القلب أو مشاكل في الشرايين التاجية أو الأورطي).
- من يرغبون بتقنية طفيفة التوغل تتيح لهم استعادة نشاطهم اليومي بسرعة دون اللجوء إلى جراحة كبيرة.
- يمكن أيضاً أن يكون الإجراء خياراً لمن لديهم انسداد أو تضيق في شريان صغير بالجسم يحتاج إلى تدخل بسيط. وإن كانت هناك تقنية مختلفة لتوسيع الشريان (بالون أو دعامة)، فالقسطرة الجنيكولية لا تمنع مستقبلًا إجراءات جراحية أخرى مثل استبدال الركبة أو حتى استخدام تنظير المفصل لإزالة قطع الغضروف المفصلي التالفة.
ما يمكن توقّعه بعد قسطرة الشريان الركبي
بعد الإجراء، يشعر المريض أحياناً ببعض الآلام الطفيفة في منطقة الإدخال (الفخذ) أو أسفل الساق، لكن غالباً يكون الألم أقل بكثير مما يحدث بعد الجراحة التقليدية. يمكن للمريض العودة للمنزل في نفس اليوم، وغالباً يستأنف نشاطه الطبيعي بشكل تدريجي خلال أيام. كما يمكنه إجراء فحوصات متابعة دورية في حال الحاجة.
من الطبيعي الشعور بتحسن تدريجي في آلام الركبة خلال أسابيع قليلة، وقد يواصل المريض بعض التمارين الخفيفة بإشراف طبيب العلاج الطبيعي لتحسين الحركة وتعزيز الإصلاح الطبيعي. في حال وجود أي مخاوف أو استفسارات، يمكن للمريض التواصل مع الطبيب الذي أجرى له القسطرة، وهذا أمر مهم لحسم أي مشكلة مبكراً.
لا يحتاج المريض عادةً لتغيير نمط حياته بشكل جذري، ويمكنه الاستمرار في العلاجات المكملة، مثل الأدوية المضادة للالتهاب، إذا أوصى بها الطبيب. وحتى إن استمر بعض الألم، فسيكون أقل بكثير مما كان عليه من قبل، ما يمنح المريض فرصة للحصول على جودة حياة أفضل دون اللجوء إلى البتر أو جراحة معقدة أو عمليات توغلية أكبر.
التواصل للاستشارة والحجز
إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن قسطرة الشريان الركبي، ومناقشة حالتك مع استشاري الأشعة التداخلية المعروف الدكتور سمير عبد الغفار:
التواصل في لندن – المملكة المتحدة:
- رقم العيادة: 00442081442266
- رقم الواتساب: 00447377790644
التواصل في مصر:
- رقم حجز القاهرة: 00201000881336
- رقم الواتساب: 00201000881336
إن اختيار قسطرة الشريان الركبي قد يشكل خطوة مهمة نحو تخفيف آلام الركبة المزمنة، ويمنحك فرصة استعادة الحركة الطبيعية بدون اللجوء إلى جراحة معقدة.